بعد إنتظار طويل
انت في الصفحة 2 من صفحتين
كل هذه التفاصيل الصغيرة جعلتني أدرك أن زوجتي هي شخص مثالي، وأنني لم أكن أدرك ذلك من قبل، وأنني كنتُ أحاول إيجاد شيء مميز لأحبها أكثر، في حين أن كل ما كنت بحاجته هو الاهتمام بتفاصيل حياتها اليومية والاستماع إليها.
حتى عندما تصلي، كانت تطيل الدعاء وتدعو لأجلي، أخبرتها بخجلٍ عما تدعو لي، فابتسمت وأجابت: "أنا أدعو لك دوماً!" شعرت بالسعادة والتفاؤل وأنا أسمع تلك الكلمات، وكأنها تنتظر أن يتحقق دعاؤها حتى تخبرني به. أصبح لدي منزل أخيرًا بعد أن عشت وحيدًا لفترة طويلة بسبب عملي، والآن أعيد الحسابات والانتظار وأنا أتطلع إلى العودة إلى منزلي الذي يشعرني بالسعادة. رائحة طعامها وضحكاتها وجمال بسمتها، وشوقها الذي يتدفق من عينيها، كل هذا يسرقني من شقائي اليومي، ولكن هل حقًا لا أحبها؟ بقيت أتساءل عن ذلك حتى طلبت مني يومًا أن أزور أهلها وأشعرتني بالغصة الشديدة بعد رحيلها، فلم أعد أستطيع تحمل البيت دون وجودها. غابت ليومين فحسب، ولكني شعرت بوجودها في كل زاوية من المنزل وأعددت الساعات والدقائق حتى عادت، ذهبت سريعًا لاستقبالها وشعرت بالسعادة الكبيرة والفرح، حتى أني أسعد من يوم جلبت فيه عروسًا للمنزل.
حينها أدركت أني أحبها، أحببتها بلا أن أدرك ذلك، لأنها غيرت حياتي وملأتها سعادة وبهجة، بتفاصيل بسيطة جعلتني أشعر بأني أزفها مباشرة إلى قلبي، إلى بيتها الذي طالما كان يشعرها بالغربة، وبأنها لا تنتمي إليه. وعندما صرحت لها بأني أحبها فقالت لي: وأخيراً تحققت أمنيتي، واستجاب الله لدعوتي، وأخيراً أصبحت زوجتك التي تحبها! حينها عرفت أن أمي لم تسىء في اختيارها، بل اختارت لي امرأة قد ذكرها النبي ﷺ في حديثه: (ألا أخبركم بخير نسائكم من أهل الجنة، الودود الولود العؤود لزوجها، التي إذا ظُلمت قالت هذه يدي في يدك لا أذوق غمضا حتى ترضى)
وبالرغم من أني لم أكن مستوعبا لذلك في البداية، إلا أني أدركت في نهاية المطاف أن الحب لا يأتي فجأة، بل ينمو بشكل تدريجي، وهو ما حدث معي ومعها. والآن، أشعر بأنها هي شريكة حياتي ونصفي الآخر، فهي تمثل لي كل ما هو جميل وطيب في الحياة، ولا يمكنني الاستغناء عنها أبدًا.
والآن، أنا ممتن لأمي لأنها اختارت لي هذه الزوجة الرائعة، وأشعر بالسعادة الغامرة لأنني أتزوج من زوجة مسلمة ومحبة لـ الله، وتحاول جاهدة تطبيق قيم الدين في حياتها اليومية، وهذا يعني أنني قد وجدت نصفي الآخر الحقيقي.