رجل عطار كان عنده سبعة بنات ماتت امهم
لما عرفت العجوز أن كل البنات قرب الباب وأنهن بدأن بالإهتمام بها أدخلت المشط والمرآة ولما رأت البنات جمال تلك الأشياء تنازعن فيما بينهن وكل واحدة تقول هذا لي
إلا الصغرى التي لم تتحرك ولم تهتم بذلك إبتسمت العجوز وقالت لا تتنازعن سأعطي كل واحدة منكن هدية:هيا كل واحدة منكن تقول لي ماذا تريد
كالعادة لم تطلب ياسمينة شيئا وقالت لإخوتها: أنا مثلكن أشتهي هدية لكن أوصانا أبونا أن لا نفتح وإن علم سيغضب
قالت العجوز خديجة:غدا صباحا سآتيكم بما وعدتكم به
قالوا لها: نحن في إنتظارك يا عمتي لا تتأخري علينا
زاد عشق الأمير للبنت وقال لها:إذهبي إلى خزائني وخذي منها ما شئت من هدايا لهن
نظرت العجوز إلى البنات فتحيرت من جمالهن ولما تأملت الصغرى لم تجد ما تقوله فلقد كانت أجمل من الورود المتفتحة وأرق من قطرات الندى
لما رجعت خديجة للقصر قالت للأمير:لقد رأيت البنت ياسمينة وإخوتها وأنا أعذر الشيخ صالح لخوفه عليهن
أجابت: سبحان الله على بديع ما خلق: عيونها سوداء
والحاجب فوق العين قوس هلال هي قمر الليل المظلم..
وكوكب دري نورها نجم الشمال إذا مشت بين الزهور
زادتها حسنا وتألقا وجمالا على جمال..
محظوظة ياسمينة
لما سمع الأمير شعرها تحير في أمره وقال لها:لا أستطيع صبرا عليها لا بد أن أرى ياسمينة فلم تعد لي القوة أن أبعد طيفها عني فلقد شغلت أيامي وسكنت أحلامي !!!
وإن تواصل هذا الأمر فلن يبقى مني سوى جلد على عظم أجابته أعلم مما أنت فيه لكن هون على نفسك يا مولاي
قال لها عليك أن تجدي حيلة لكي أراها وأكلمها
فكرت قليلا ثم إبتسمت وقالت: ستراها ولن تعرفك لا هي ولا أحد من الناس سألها بفضول وكيف ذلك قالت إقترب لأقول لك في أذنك
إنزعج وقال: أليس هناك حل آخر ؟
أجابت:إذا كنت تود رؤيتها فهو الحل الوحيد
قال لها:حسنا لكن يبقى الأمر سرا بيننا
في اليوم الموالي زارت العجوز البنات وحملت معها كثيرا من اللحم ولما أرتهم ما في القفة فرحن وقلن لها: لقد مللنا من أكل القديد فأبونا حرم علينا الخروج
عجنت البنات خبز الشعير وأشعلن فرن الفخار ووضعن أقراص العجين لتنضج أما العجوز فشوت لهم اللحم والشحم وأعدت مرقا بالفلفل الحار وإبتهجت ياسمينة وقالت
كأنّنا اليوم في عيد ومنذ ذهاب أبي نحسّ بالملل ولا نجد شيئا نفعله سوى ترتيب البيت والنظر من النافذة للشارع وللباعة المتجولين ينادون على بضائعكم.
في اليوم الموالي أحضرت لهن سلة مليئة بالسمك البحر وكلّ يوم تحضر لهن شيئا حتى تعودن عليها وأصبحت تقضي معهن كامل اليوم تقص عليهن أعجب الحكايات
وفي يوم من الأيام قالت لهن: لقد رزقت أربعة أولاد وكنت أشتهي دائما بنية وبعد أن مرت السنوات الطوال رزقني الله بنتا كالقمر وهي في مثل عمر أكبركن
ولقد تزوج الأولاد أما هي بقيت معي وكل مرة آتيكم فيها أتركها بمفردها وهي لطيفة وتحب اللعب مع بنات الجيران
قلن لها بفرح:المرة القادمة أطلبي منها أن تأتي معك فنحن أيضا نحب اللهو والمرح
قالت:سأفعل ذلك من أجلكن لما رجعت إلى القصر قالت للأمير: عليك أن تستعد للذهاب لدار الحاج صالح فأنت مدعوّ عندهم غدا. سأعد لك ثياب بنت على مقاسك وعليك أن تنتف لحيتك، وتتجمل مثل البنات
قال لها: لا أحد يلمس لحيتي
ردت: لا تغضب سنكتفي بشيء من الكحل على عينيك وبعض العطر وسأغطي وجهك وأقول لهن أن الطبيب أوصاك بعدم التعرض للهواء لأن صحتك ضعيفة
قال الأمير سيتفطنون لي لما أتكلم أجابته:أنظر بعينيك فقط سأقول لهم أنك بكماء هل إرتحت الآن على كل حال لن نبقى كثيرا ترى ياسمينة وتخرج لو عرفوك لصرخن وجمعوا علينا الجيران
في الصباح خرجت العجوز والأمير كان تنكره متقنا إلى درجة كل من رآه يعتقد أنه إبنتها لما وصلا إلى دار صالح فتحت لهن البنات وقلن لها إبنتك جميلة العينين لكن نحن بمفردنا فلماذا تغطي وجهها ؟
قالت لهن:الهواء بارد اليوم وهي تمرض لأقل هبّة هواء سألنها لماذا لا تتكلم
أجابت للأسف أنها بكماء
قلن لها: إنه أمر محزن أن لا نتكلم معها فهي تبدو لطيفة جدا
ردت العجوز:إنها ذكية وتحسن ضرب العود فمن منكن يعرف الغناء ؟