طلقها يوم زفافها فانتقمت من الفصول كاملة
..إنه لا يشعر حتى بوجودي..فقط ينظر إلى السقف بقلق وعلى وجهه سيماء تفكير عميق..
تحرك فجأة ولكنني لم أستطع أن أبعد نظرات الدهشة عنه..لم ينظر إلي كما تبادر إلى ذهني..فقط نظر إلى الساعة ثم أخذ يقضم أظافرة بعصبية شديدة..
تحولت دهشتي إلى نوع من الحزن..حزن ممتزج بيأس مر..
قطرات من الدموع إنسابت من عيني لتتحول إلى أنين خافت تقطعه شهقات تكاد تمزق صدري الصغير..
حانت منه التفاته عابرة لا تدل على شئ..فأرتفع نشيجي عاليًا يقطع الصمت من حولي ويحيل الحجرة الهادئة المعدة لعروسين إلى مأتم حزين.
اقترب مني ببطء..وقف إلى جواري قائلًا بصوت غريب أسمعه لأول مره:
- لماذا تبكين ؟
هززت كتفي بيأس ودموعي لا تزال تنهال بغزارة على وجهي ليصبح كخريطة ألوان ممزقه..
عاد لي الصوت الغريب مره أخرى قائلًا.
- اسمعي يا ابنة عبد الله صالح راشد..أنت طالق!توقفت دموعي فجأة وأنا أنظر إليه فاغرة فا هي من شدة الذهول..هل هو
يهزل..يمثل..يسخر..
أين الحقيقة والواقع في وسط المعمعة..هل أنا أحلم..أم أنه كابوس مرعب يقضي على مضجعي؟..
أفقت في اليوم التالي على بيت أبي.. وأنا مطلقة.. وأمي تنتحب بحرقة.. وأبي يصرخ
من بين أسنانه ووجه أسود كالليل:
- لقد أنتقم مني الجبان..لن أغفرها له.. لن أغفرها له..
وقتها فقط عرفت الحقيقة.عرفت بأنني مجرد لعبه للانتقام بين شريكين..أحدهما وهو أبي قرر أن يزوجني لأبن شريكه لكي يكتسح غضبه الذي سببته له خلافاتهما التجارية..
و الآخر قرر أن ينتقم من أبي في شخصي..و لكن ما ذنبي أنا في هذا كله..لماذا يضيع
مستقبلي وأنا لا زلت في شرخ الشباب؟..لماذا أتعرض للعبة قذرة كتلك؟
لم أبكِ.. ولم أذرف دمعه واحدة..واجهت أبي بكل كبرياء.. وأنا أقول له:
- أبي..لا تندم.. لست أنا من تتحطم!!
نظر أبي لي بدهشة وغشاء رقيق من الدموع يكسو عينيه.. وإمارات الألم والندم تلوح في وجهه..